سورة الأحقاف - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأحقاف)


        


{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (8)}
{قُلْ إِنِ افتريته فَلاَ تَمْلِكُونَ لِي مِنَ الله شَيْئاً} أي: لو افتريته لعاقبني الله على الافتراء عقوبة لا تقدرون على دفعها، ولا تملكون شيئاً من ردّها عليه، فكيف أفتريه وأتعرض لعقاب الله {هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ} أي بما تتكلمون به، يقال: أفاض الرجل في الحديث إذا خاص فيه واستمر.


{قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (9)}
{قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ الرسل} البدع والبديع من الأشياء: ما لم يُرَ مثله أي ما كنت أول رسول، ولا جئت بأمر لم يجيء به أحد قبلي، بل جئت بما جاء به ناس كثيرون قبلي، فلأي شيء تنكرون ذلك {وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ} فيها أربعة أقوال: الأوّل أنها في أمر الآخرة وكان ذلك قبل أن يعلم أنه في الجنة، وقبل أن يعلم أن المؤمنين في الجنة وأن الكفار في النار، وهذا بعيد، لأنه لم يزل يعلم ذلك من أول ما بعثه الله والثاني أنها في أمر الدنيا: أي لا أدري بما يقضي الله عليّ وعليكم، فإن مقادير الله مغيبة وهذا هو الأظهر. والثالث ما أدري ما يفعل بي ولا بكم من الأوامر والنواهي وما تلزمه الشريعة. الرابع أن هذا كان في الهجرة إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رأى في المنام أنه يهاجر إلى أرض بها نخل، فقلق المسلمون لتأخير ذلك فنزلت هذه الآية.


{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10)}
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ الله وَكَفَرْتُمْ بِهِ} معنى الآية: أرأيتم إن كان القرآن من عند الله وكفرتم به ألستم ظالمين؟ ثم حذف قوله ألستم ظالمين وهو الجواب، لأنه دل على أن الله لا يهدي القوم الظالمين {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بني إِسْرَائِيلَ على مِثْلِهِ} هذه الجملة معطوفة على الجلمة التي قبلها، فالمعنى: أرأيتم إن اجتمع كون القرآن من عند الله، مع شهادة شاهد من بني إسرائيل على مثله، ثم آمن به هذا الشاهد وكفرتم أنتم، ألستم أضل الناس وأظلم الناس؟ واختلف في الشاهد المذكور على ثلاثة أقوال: أحدها أنه عبد الله بن سلام، فقيل على هذا إن الآية مدنية، لأنه إنما أسلم بالمدينة، وقيل إنها مكية وأخبر بشهادته قبل وقوعها ثم وقعت على حسب ما أخبر، وكان عبد الله بن سلام يقول فيّ نزلت الآية، الثاني أنه رجل من بني إسرائيل كان بمكة: الثالث أنه موسى عليه السلام ورجّح ذلك الطبري. والضمير في مثله للقرآن أي شهد على مثله فيما جاء به من التوحيد والوعد والوعيد، والضمير في آمن للشاهد فإن كان عبد الله بن سلام أو الرجل الآخر فإيمانه بيِّن، وإن كان موسى عليه السلام، فإيمانه هو تصديقه بأمر محد صلى الله عليه وسلم وتبشيره به.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7